روائع مختارة | قطوف إيمانية | نور من السنة | خير يوم طلعت فيه الشمس...يوم عرفة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > نور من السنة > خير يوم طلعت فيه الشمس...يوم عرفة


  خير يوم طلعت فيه الشمس...يوم عرفة
     عدد مرات المشاهدة: 14114        عدد مرات الإرسال: 1

هو يوم من أيام الله التي إختارها الله لعباده المؤمنين بل هو خير يوم طلعت عليه شمس الدنيا إنه اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، يوم عرفة، يوم الحج الأكبر، يوم الدعاء، يوم إكتمال الدين، اليوم المشهود، يوم الصغار للشيطان، يوم يتباهى الله فيه بعباده.

ليست هذه الألقاب التي ذكرتها من عندي بل هذه الأوصاف التي أثبتها النبي لهذا اليوم الذي إختص بشعيرة وعبادة سنوية هي الحج.

من معاني عرفة:

هو أعظم مجامع الدنيا، فهناك تُسكب العبرات، وتُقال العثرات، وتُرتجى الطلبات، وتُكفّر السيئات، توضع فيه الأثقال، وترفع الأعمال.

كم وقفت بساحة عرفات جموع، وسالت على صعيده دموع، وتعارف عليه الناس، وذابت على ثراه الأجناس، وقُبِلَ ضعيفٌ، ورُد شديد المراس.. كم تعانقت فوقه قلوب، وفرجت شدائد وكروب، ومحيت أوزار وذنوب.

كم إمتزجت فيه دموع المذنبين، وإختلطت رغبات الراغبين، وتداخلت أصوات المستغفرين.. كم خلصت عليه النيات، وسالت على حصبائه العبرات، وذل أهل الأرض لخالق الأرض والسموات.

وفي ذلك المكان تجد الأبيض والأسود والأحمر، الشامي والمغربي، العربي والأعجمي، وحينئذ نتذكر أبا بكر العربي، وبلالا الحبشي، وسلمان الفارسي، وصهيبا الرومي، فهي وحدة تتجسد، ومعان تتأصل، وقيم تتمنهج عبر مراحل التاريخ المختلفة، وهذه هي إحدى روائع هذا الدين الذي ما فرق يوما بين لون وآخر، أو بين جنس وآخر، وإنما هو الميزان الحق: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات:13].

إنه الإعلان عن الوطنية الإسلامية الجامعة التي يريدها الإسلام، ويدعو إليها، وطنية العقيدة التي تشهد بأن كل بلد فيه مسلم يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، وطن عندنا له حرمته وقداسته.

والوقوف بعرفة يذكّر الإنسان بهذه الحقيقة التي كثيرا ما يغفل عنها، ألا وهى يوم الحشر: فقد عقب الله على مناسك الحج بقوله: {واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون} [البقرة:203]، وكأن الإنسان في هذا الموقف المهيب، وهذا الزحام الشديد أشبه حالا بموقف الحشر.

وإن الناظر الذي يشاهد هذا المنظر -منظر عرفة- ليتذكر قوله تعالى: {ونُفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون} [يس:51]، فالكل يترك بلده ووطنه وأهله ملبيا مجيبا للنداء العلوي الجميل، ويذهب إلى هناك، تاركا حياة هي أشبه بحياة الموتى بين القبور، مقبلا على حياة أخرى، حيث البعث والروح الجديد!! إنها مسارعة ومسابقة إلى الله.. إنه السير نحو ملكوت الله، إنه نداء الفطرة يلبى، وإنها لحياة أخرى تُحيا، فقد إمتلأت الجنبات من كل مكان، وتوافد الناس من كل طريق، والكل إلى هناك.. إلى ربهم ينْسِلون.

فضائل يوم عرفة:

1= يوم إكمال الدين وإتمام النعمة:

ففي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال أي آية؟ قال: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة: 3] قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.

2= يوم عيد:

قال صلى الله عليه وسلم: «يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب» رواه أهل السّنن.

وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: نزلت آية {اليوم أكملت} في يوم الجمعة ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد.

3= يوم أقسم الله به:

والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى: {وشاهد ومشهود} [البروج:3]، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود: يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة».. رواه الترمذي وحسنه الألباني.

ويوم عرفة هو الوتر الذي أقسم الله به في قوله تعالى: {والشفع والوتر} [الفجر:3]، قال ابن عباس: الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة، وهو قول عكرمة والضحاك.

4= صيامه يكفر سنتيْن:

فقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: «يكفر السنة الماضية والسنة القابلة» رواه مسلم.

وهذا إنما يستحب لغير الحاج، أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك صومه، وروي عنه أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة.

5= يوم ميثاق ذرية آدم لله:

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان -يعني عرفة- وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم كلمهم قِبَلا، قال: {ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين*أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون} [الأعراف:172-173]، رواه أحمد وصححه الألباني.... فما أعظمه من يوم! وما أعظمه من ميثاق!.

6= يوم العتق والمباهاة:

روى الإمام مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء».

وعن جابر رفعه، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينزل إلى السماء الدنيا فيقول: إنظروا إلى عبادي شعثاً غبراً ضاحين جاءوا من كل فج عميق ولم يروا رحمتي ولا عذابي فلم أر يوماً أكثر عتقاً من النار من يوم عرفة» رواه أبو يعلى.

7= يوم صغار للشيطان:

روى الإمام مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليها وسلم قال: «ما رُؤى الشيطان يوماً هو فيه أصغر، ولا أدحر ولا أحقر، ولا أغلظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما يراه من تنزل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام».

8= يوم الدعاء:

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» رواه الترمذي.

وبعد، فينبغي للمسلم إستغلال هذه اللحظات، بالإجتهاد في العبادات، والحرص على الطاعات، والإكثار من الدعاء والذكر والتلبية والاستغفار والتضرع وقراءة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهذه وظيفة هذا اليوم، سواء في أكان في مكة أو خارجها فهذا اليوم للأمة كلها.

فإن كنت ممن وفقهم الله لإجابة ذلك النداء الجليل، فإعلم أنها غرة السعادة وفاتحة الخير كله، وعنوان رضا الله، فما دعاك إلا وهو يحبك، وما ناداك إلا ليمنحك {والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم} [البقرة:268]، وهنيئا لك هذا الحج المبرور، والسعي المشكور، والذنب المغفور، والعمل المأجور.

وإن حالت دون ذلك الحوائل، فصاحب الحجاج بقلبك، ورافقهم في أداء المناسك بروحك، فإن لك مثل ثوابهم إن شاء الله، كما بشر بذلك الحبيب صلى الله عليه وسلم: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم سيرا، ولا قطعتم واديا، إلا كانوا معكم»، قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: «حبسهم العذر»

المصدر: المنتدي الإسلامي العالمي للإسرة والمرأة.